بعد ٣٠ يونيو ونتائجها التي توجها المشير السيسي وخلفه لفيف من القوى الوطنية والسياسية ولفيف شعبي اخر .. قررنا الدخول في مرحلة جديدة صعبة للغاية مرحلة نستبدل فيها العبث في بناء المؤسسات بعد ثورة يناير الى البناء التنظيمي للمؤسسات بعد الموجة التصحيحية في ٣٠ يونيو ولكننا يبدوا ان انتقلنا من عبث الى عبث ..!
كان لهذه المرحلة عنوان كبير يتلخص في تنفيذ بنود خارطة المستقبل التي اتفقنا عليها ، وإعادة البناء المؤسسي للدولة بشكل منظم وديمقراطي .. وقررت ان أتقبل اي مرارات خاصة بالمرحلة الانتقالية وسوء الادارة السياسية او التعثر الاقتصادي في سبيل ان نمضي جميعا بإدارة للازمة تمكن مصر من الانتهاء بعد منتصف ٢٠١٤ ان تكون دولة ذات نظام مؤسسي ديمقراطي يبدأ بالدستور ثم بالبرلمان ينتهي بانتخاب رئيس ولكن يبدو ان الأوراق قد تشابكت وان المرحلة الانتقالية قد حدث بها بعض الحماقات التي تتلخص في ان الجميع "غير مسئول"
الدولة ممثلة في حكومة الببلاوي الجهة الوحيدة في مصر التي كانت تحمل صلاحيات تفوق باقي الجهات بما فيها مؤسسة الرئاسة ارتكبت اخطاء سياسية ساهمت في تفكيك جبهة ٣٠ يونيو ، وضم قطاعات جديدة من الشعب ترفضها ، ولم تحرز جديد في الوضع الاقتصادي ولم أكن انتظر منها إنجازات ولكن كنت انتظر منها ان تساعد في جعل الحياة اليومية للمواطن اقل سوءا (انقطاع الكهرباء - أزمة البنزين - الاسعار) وقد توسعت كثيرا في التعامل الأمني حتى استطاعت ان تعطي الجماعة الإرهابية تطلقات تقتل بها مصر في الجامعات وغيرها. كان هناك سوء في الأداء ينم عن عدم احساس المسئولين بخطورة الموقف ودقة وحساسية الفترة .
اما عن القوى الاحتجاجية المصرية فقد صعدت لم تكون اقل حماقة من الحكومة وصعدت من المواجهة في وقت كانت الحكمة تتطلب تأجيل هذه المواجهة نظرا للوضع التي كانت تمر به مصر، اتخذت قرارات مثل تعليق مشاركتها في خارطة الطريق ظنت انه موجه ضد الحكومة ولكنهم كانوا بهذا القرار مثل الدابة التي قتلت صاحبها .. فخلقوا عداء بينهم وبين طوائف كثيرة من الشعب .. نال هذا العداء من ثورة يناير باعتبارهم احد الحركات التي انبثقت منها وتحول الوضع من صراع بين يناير ويونيو وهو المفترض ان يكون صراع بين مصر والإرهاب والتطرف ومحاولات كسر إرادة شعبها كانت المفروض ان تكون معركة توحد يناير ويونيو لبناء نظام مؤسسي دستوري ديمقراطي لمصر ، ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه .. واستمرت هذه القوى في الممارسات غير المسئولة حتى انها شاركت في يوم ٢٥ يناير ٢٠١٤ ضد الحكومة الذي كان معروف انه سيجتمع فيه تجمعين الاول مؤيد لنظام الانتقالي القائم وضد الارهاب (بعد تفجير مدرية امن القاهرة) والثاني وعيد من الاخوان بإسقاط النظام في ذلك اليوم .. وكانت الحكمة تقتضي ان كانوا يريدون معارضة الحكومة عدم الوقوف في هذا اليوم حتى لا يحسبوا على احد من الطرفين .. وكان نتاج ذلك ان حسبتهم قوى الشعب الغير مسيسة على التنظيم السري وبالفعل كانت هناك مسيرة لجبهة ثوار شارك فيها الاخوان ... وقدموا شباب طاهر ونقي الى الموت المجاني دون هدف ودون جدوى في عدم مسئولية غير مسبوق
اما عن هذا الذي كان بيده وحده ان يجعلنا نأمل في ان نسير على الصراط المستقيم وان نقيم انتخابات بعد الثلاثين من يونيو يشهد لها الجميع في التنظيم والنزاهة والتنافسية .. وان يعطي للعالم درسا كيف يحمي الجيش الوطني شعبا عظيما في الوقت الذي يطلب فيه الحياة وكيف يخلص الجيش شعبا كريم عانى كثيرا ولم يجد من يرفق به .. قد خيب آمالنا وقد قرر خوض الانتخابات في قرار اعتقد انه غير مسئول ويعطي نقطة جديدة لكل أعداء ٣٠ يونيو ويعيد لنا مشهد الانتخابات المحسومة وكأن ثورة لم نقم وكأن ديمقراطية لم ننشدها ونطلبها.
اما مؤسسة الرئاسة والحكومة الجديدة اللذان أصدرا قانون الانتخابات قد ارتكبوا شئيا بالنسبة لي لا يغتفر لانه يعصف بأحد المؤسسات المهمة التي نريد بناءها بعد ثورة ٣٠ يونيو وهي مؤسسة الرئاسة ويمثل عندي تخطي لدستور استفتي عليه الشعب ووافق عليه بنسبة غير مسبوقة ٩٨٪ اي انه يتخطى ايضا إرادة الشعب في خطوة غير مسئولة قال عنها خبراء الدستور ان الانتخابات غير شرعية اذا استمر التحصين الوارد بالقانون .. وتعد مصيبة عندما يكون المشرع قاض دستوري ومستشاره الدستوري قاض دستوري .
هذه هي سمة المشهد أيها السادة ان الجميع غير مسئول وان الجميع لم يضع امام عينه مسئولية بناء مؤسسات مصر بقدر كبير من الشفافية والنزاهة ، الجميع لم يدرك حساسية اللحظة التي تعيشها مصر ولم يعمل من اجل ان نكون فخورين بأنفسنا مرة واحدة اننا أنجزنا حراكا شعبيا محترما وناجحا .. سامحكم الله بقدر ما زرعتم اليأس في نفوسنا ، والهم مصر والمصريين معجزة من عنده تأخذ بيدهم حيث انهم شعب كان ومازال يعاني ولم يجد من يرفق به او يحنو عليه .
No comments:
Post a Comment