Friday, February 6, 2015

"الإسلام المتطرف" و"الإسلام الوسطي" و "الإسلام المتحرر"


"الإسلامي الوسطي" 

عبارة ترددت على ألسنة الكثيرين كان أبرزهم "جورج بوش" الرئيس السابق بعد احداث ١١ من سبتمبر ، وهي جملة في وجهة نظري ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب اذا انها توحي للناس بأن هناك اكثر من اسلام ، "إسلام متطرف" و"إسلام وسطي"  و"إسلام مائع" او بتعبير اكثر تهذيباً إسلام متحرر! وعند الرجوع الى نص القرآن الكريم الذي هو أول مصدر في التشريع والأحكام الاسلامية ستجد على ان الله يعلن انه للإسلام وجهٌ واحد لا يوجد غيره وهو يتلخص في آية "وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً"    فهذ دليل على ان الشكل الذي خلق الله به دينه هو الوسطية ، فإذا لا داعي لتعريف الماء بالماء ويمكن ان نتحدث عن الدين باسمه "دين الاسلام" دون اضافة حتى لا يختلط الامر بأن هناك أشكال متعددة للدين الحنيف فهذا تجني عليه واضح وصريح. 

اما مسألة "التطرف" و "الوسطية" و"التحرر" 

هي أشكال التدين ، والتدين هو نتاج إجتهاد بشري محض فمن المسلمين من طوع نصوص الدين وحملها ما لا تحتمل حتى وصل الى مفهوم متطرف عن الاسلام ومن الناس من اتبع فطرته وعرف جوهر الدين وفتح عقله فبلور اجتهاد معتدل ومنهم من اتبع نصوص الرحمة والمغفرة وبحث عن شاذ هنا وعن مخرج هناك واتبعه وأصبح متحررا ، ولا يمكن لأحد سواء المتطرف او المعتدل او المتحرر ان يكون ممثلا للدين ولكن هو ممثلا لفهمهم واجتهاده في الدين وفقط . 

وظل الاعتدال مُسيطر على المشهد الاسلامي ما بقى هناك اجتهاد ومتى خرجت لعبة السياسة من تقويض الدين لصالحها ، وسيطر التطرف حينما أصبحنا أمة جامدة تؤمن بالمسلمات دون بحث او تدقيق وتوقف الاجتهاد والرأي لصالح التراث ومن المعروف ان مصادر التشريع الاسلامي والأحكام ثلاثة : القرآن والسنة النبوية والاجتهاد 

والأمر الثالث وهو الاجتهاد يتغير من زمان الى زمان لأن المصالح المرسلة تتغير فكل يوم العالم في شأن والزمن والواقع يتغيران وبالتالي سيتغير استحسان حكم على الأخر وهو ان يرجح العالم رأيا على أخر مستندا على نصوص ، ومن أمثال الاستحسان ما قام به الدكتور مصطفى محمود من استحسان ان ان حد الزانية والزاني هو الجلد في كل الحالات سواء المحصن او غير المحصن على رأي الكثير من العلماء وهو الرجم للزانية المحصنة والجلد لغير المحصنة . 

ونحن الآن في واقعنا العربي الإسلامي نعاني من وجود التطرف والإرهاب الذي يستند حقيقتاً على أراء من كتب تراثية إسلامية ويستند على حلم صدره لهم مشايخ الفضائيات وهو حلم الخلافة ولم يعرضوا الموضوع بصدق وتجرد ولم يقولوا لهم انه كان نظاماً سياسياً لم يقولوا لهم ان العز للمسلمين حينما يعزلوا أنفسهم بمبادئ دينهم الذي رفع منزلة العلم وأعلى شأن العدل وهذا لأننا نعاني من عدم وجود مجدد يتحمل على عاتقه إنقاذ شرف الأمة . 

لا يريد أحد أن يخرج على الناس بكتاب فيه أحاديث وقتية أي قالها الجناب صلى الله عليه وعلى آله في وقت معين لحدث معين وانتهت عنده ، وكتاب آخر عن آيات القتال وأحاديثها ويفسرها على وجهها الحقيقي ، وان ينزع القدسية عن التراث ويناقش ما جاء فيه من أشياء مشينة وأحكام لا تتفق مع روح وجوهر الاسلام وهكذا ، أعتقد لان الكثير لن يستحمل ما تعرض له ابي حنيفة ولا ما تعرض له الامام محمد عبده من تكفير واتهامات بالزندقة وسيخشى طلقة من داعش او وكلائها وبهذا تحول رجال الدين الى موظفين يكتفي ببيان او بخطبة او بوقفة احتجاجية .

السؤال الذي اريد ان أختم به ألا يوجد رجل يعلم ما معنى الرجولة ومؤسسة تخشى على سمعة وصورة الدين اكثر من خشيتها على حياة أفرادها ، وأناس لديهم من الجسارة ما يجعلهم لا يخشون المزايدة والاتهامات يعملون على تجديد روح الاسلام والإجتهاد في اخراج للناس دين يحتوي مقتضيات العصر وينقد الآراء التراثية التي تُستخدم لذبح الناس؟ 

No comments:

Post a Comment