Thursday, September 25, 2014

مصر تعود من نيويورك

دعونا في بداية الأمر نتقدم بالشكر للرئيس ووزير خارجيته على قرارهم بضرورة سفر الرئيس الى نيويورك لحضور قمة المناخ والجمعية العامة وعدم الإستماع الى الأصوات الإعلامية وبعض الأقلام في عدم الذهاب بسبب خوفهم على حياته (في الظاهر) ولكن في الحقيقة كان بخوفهم من حشد الإخوان المجتمع الدولي لإحراج البعثة المصرية وتصوير مصر على انها في عزلة دولية ولكن تقديرات وزارة الخارجية كانت صائبة حيث ان الزيارة كانت ناجحة للغاية ومثمرة ، أعطت المزيد من الإلتفاف الدولي حول مصر الجديدة - ان صح التعبير- فقد كانت مواعيد الرئيس مشغولة منذ ملامسة أقدامه أرض المطار عقد لقاءات مع مسئولين أمريكيين سابقين وعقد لقاءات تلفزيونية مع فضائيات أمريكية وكذلك مجموعة من اللقاءات مع نظرائه كان أبرز هذه اللقاءات لقائه مع الرئيس الفرنسي أولاند ، أسفرت هذه اللقاءات من وجهة نظري على مزيد من التفهم لما حدث في مصر وأعتراف بشرعية النظام المصري الجديد وكثير من المشاهد الإيجابية من وجهة نظري . 

لكن يبقى المشهد الأبرز هو حضور مصريين من مصر قطعوا ساعات طويلة وتحملوا تكاليف السفر ومصريين من المقيمين في الولايات الأمريكية المتفرقة التي تفصلهم ساعات طويلة عن مكان عقد الجمعية العامة ومصريين من المقيمين في الدول المحيطة بالولايات المتحدة كـ (كندا) لمساندة رئيسهم بعد الأخبار التي كانت متداولة عن حشد اخواني امام مكان عقد القمة وعن محاولة الإخوان تقليب العالم على النظام المصري واحتمالية حدوث عزلة للوفد المصري في نيويورك ، هذا شئ ليس غريب على شعب صنع ثورتين في اقل من اربع سنوات ولا على شعب اقرض حكومته ٦٤ مليارا لمشروع قومي عملاق في ٨ أيام فقط .. هذا هو الشعور الوطني المصري وهؤلاء هم المصريون ولا جديد. 

ولكن يبقى الحدث الأبرز هو خطاب الرئيس في الجمعية العامة للأمم المتحدة الخطاب الذي حدد ملامح مصر الجديدة في كلمات مقتضبة وفي إيجاز رائع ، ومواقف غاية في الوضوح  أودّ ان اتحدث عن بعضها . 

- موقف مصر من ما يحدث في ليبيا حيث دعى الرئيس لدعم المؤسسات الليبية المنتخبة والبناء على المبادرة المصرية التي طرحت في مؤتمر دول الجوار الليبي ، ان هذا الموقف الواضح لم تقدمه الا مصر وسبق وان عرضت ايضاً مساعدة مؤسسات الدولة الليبية على في استعادة كفائتها كمؤسسة الجيش ومؤسسة الشرطة 

- موقف مصر من الأزمة السورية وهنا استخدم الرئيس كلمات واضحة واعتقد انها ذكية حيث انه دعى الى تسوية سياسية ولكنها مشروطة عدم الإبقاء على أوضاع تمرد عليها الشعب السوري (عدم الإبقاء على نظام بشار الأسد) وعدم التهاون في محاربة الإرهاب (محاربة جبهة النصرة وداعش والتنظيمات المتطرفة) وان يعيش الشعب السوري حياة مستقرة  وأعتقد انه لا حل بالضربة القاضية ولا معادلة صفرية للأزمة في سوريا ولا حل الا ان يتنازل الجميع من اجل هذا الشعب العريق وهذه الدولة التاريخية . 

- موقف مصر من القضية الفلسطينية ودعوت مصر لحل شامل على حدود ١٩٦٧ وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ، ولكنني مازلت معترض بشد
 على عاصمتها القدس الشرقية .. عاصمتها القدس الشريف كاملة وليس فقط القدس الشرقية .. ولكنه أكد على حقيقة انه في ظل استمرار الظلم الواقع على هذا الشعب المناضل الصابر سيزيد من عدم استقرار المنطقة  . 

-أكد الرئيس على دعم مصر للدول الأفريقية التي أصابها الإيبولا ودعى العالم الى دعم هذه الدول وأكد على علاقات مصر التاريخية بمحيطها الإفريقي 
مشاركة مصر هذه الشعوب مشاكلهم وهمومهم يستعيد سيطرة مصر من جديد على هذه الدول وبسط نفوذها السياسي وبالتالي الحفاظ على المصالح المصرية في القارة

- طلب الرئيس دعم الدول الأعضاء انضمام مصر كعضو دائم في مجلس الأمن ، أعتقد ان هذا حق لمصر والعرب والدول الأفريقية والنامية ودول العالم الثالث ان يكون هناك من يمثلها في مجلس يتخذ كل القرارات الهامة المؤثرة في الشأن العالمي ولا يسيطر عليه الا الدول الخمسة الكبار وستكون مصر خير ممثل بتاريخها الدبلوماسي الطويل وعلاقتها الخارجية المتميزة فضلا عن دورها في الشرق الأوسط . 

اعتقد ان تدخل مصر في طرح المبادرات وإعلان مواقف واضحة من احداث وأزمات إقليمية ودولية لهو عودة لدور مصر الفعال تاريخيا المستمد من موقعها الجغرافي العبقري وتاريخها الممتد ، وأعتقد ان هذا الدور سيكون مختلف كلياً عن ما كانت عليه في عهد المخلوع او المعزول او ما بينهما . 

اما في الشق الذي تحدث فيه عن الأوضاع الداخلية في مصر ، فإنه تحدث عن رؤية لتنمية حتى عام ٢٠٣٠ واحترام الحقوق والحريات وإقامة الدولة المدنية الديمقراطية وإحترام العقد الإجتماعي والفصل بين السلطات وإحترام القضاء وأحكامه وسيادة القانون ، ولو ان ما قيل سوف يكون القاعدة التي ستبنى عليها مصر فهذا شئ رائع اما لو استمر الوضع الصعب لحقوق الإنسان وعدم وضوح رؤية مصر للتنمية ٢٠٣٠ وعدم تنقيح القوانين وتحديث وتطوير النظام القضائي وصد اي زريعة للتدخل في أعماله سيتحول هذا الكلام الى ورق حائط نضعه لتجميل المشهد وليس اكثر من ذلك . 

لكن يبقى الشق الأهم في حديث الرئيس عن الوضع الداخلي هو الدعوة للمؤتمر الإقتصادي الذي سيعقد في فبراير لبحث مجالات الإستثمار في مصر امام جميع دول العالم سيحقق نتائج طيبة كثيرة وكان من الذكاء ان يعلن ذلك امام الجميع في خطابه . 

من الإنصاف والعدل ان نقول بأن خطاب الرئيس في الجمعية العامة أظهر مصر بمظهر الدولة القوية وأعاد لها هيبتها ومكانتها التي تستحقها في المحافل الدولية. 

No comments:

Post a Comment