Friday, March 20, 2015

الديمقراطية الفريضة الغائبة


(١) 

عُقد المؤتمر الإقتصادي في شرم الشيخ وقد شاهدنا نجاحاً مبهراً على المستوى التنظيمي وعلى مستوى التخطيط للمشروعات وعلى مستوى النجاح السياسي . 

(٢) 

نجح المؤتمر الإقتصادي في توجيه عدة رسائل سياسية ابرزها ان مصر تستضيف دول محيطها الإفريقي على أرضها وتقدم هذه الدول كلمات التأييد لمصر بعد شهور قصيرة من تعليق مشاركة مصر في اعمال الإتحاد الإفريقي ، كما أن توجيه الدعوة لرئيس السلطة الفلسطينية في وجود جون كيري وغياب اسرائيل رسالة انحياز واضحة ومنطقية وبديهية بوقوف مصر الدائم والغير مشروط مع الفلسطنين في قضيتهم العادلة . 

(٣) 

نجح المؤتمر الإقتصادي في توقيع عقود عدد من المشاريع التي سيكون له أثر مهم في <<تصليح>> عجلة الإقتصاد التي كانت قد تمزقت في السنين السابقة مما سيؤثر في زيادة الإحتياطي من العملة الأجنبية مما سيسبب في خفض الأسعار كما ان هذه المشاريع ستحتاج الى أدوات لوجستية لتنفيذها مما سيفعل دور مرافق جديدة في الدولة والقطاع الخاص مما سيعيد الحياة الطبيعية للمصريين 


(٤) 

ربما تكون الخطوة الأولى مدهشة في نجاحها ولكن ما سيتبعها من خطوات هو الأهم بدون نجاح الخطوات القادمة نفس نجاح المؤتمر سيكون المؤتمر وكأن لم يكن ، لذلك أدعو للتوقف عن انتاج الأغاني الوطنية والتوقف عن البغبغة الإعلامية وتأجيل ترديد تحيا مصر والبدأ في العمل الجاد لأن هذا العمل فعلا هو المنوط به ان يكتب ويسطر تحيا مصر . 

(٥) 

يجب ان نشيد بعدة أشياء تدل ان ثمة تغيير يحدث في مصر ، أولى الخطوات هي إتاحة رؤية مصر ٢٠٣٠ على الإنترنت وكذلك انشاء موقع للعاصمة الجديدة به كل المعلومات عنها ، وإعلان البيان المالي لعام (٢٠١٥-٢٠١٦) ورغم انها خطوة ناقصة نرجو إكمالها إعمالاً للدستور ، وكذلك تقديم الرئيس  لمفردات راتبه للجهاز المركزي للمحاسبات (طبقاً لتصريحات السيد رئيس الجهاز) وهذه الإجرءات تساهم في مشاركة المواطنين في الحياة العامة وإعطاء مزيد من الشفافية التي كانت غائبة في العهود السابقة. 

(٦) 

يجب ان نذكر القائمين على أمور الدولة ان معدل التنمية الذي حققه مبارك في ٢٠١٠ وهو ١٠٪ أكبر من متوسط ما تهدف الدولة لتحقيقه في ٢٠٣٠ لم يمنع عنه ثورة شعبية في ٢٠١١ لأن (وحتى لو قال القضاء قول أخر) الدولة كانت تُنهب ولم يكن هناك توزيع عادل للثروة وعوائد التنمية على المواطن فضلا عن الديكتاتورية ، التي نؤكد انه لا مساومة بين "لقمة العيش" والكرامة والحقوق وأن المواطن لن يهمه تنمية ولا رخاء اذا استمر السياسيات الأمنية كما هي . 

(٧) 

نرى ان الدولة تُريد تأميم الحياة السياسية هكذا يقول الواقع حتى لو يصرح رئيس الجمهورية بعكسه ، ونرى ان ظاهرة "زوار الفجر" قد عادت ، ونرى اخبار التعذيب في السجون قد تفشت وفي أقسام معينة ، ونرى ان الدولة غير جادة في تقديم انتخابات برلمانية ديمقراطية . 

(٨) 

تعامل الدولة مع الإنتهاكات على إنها فردية شئ مضحك ، وعدم تغيير السياسيات القائمة في أجهزة الأمن ، وعدم الدفع بدماء جديدة ونسف الحمام القديم لن يوقف الإنتهاكات حتى ولو قدمت الدولة مخطأ للعدالة فإن هذا لا يعني انها احدثت تغير يمنع الإنتهاكات . 

(٩) 
يجب ان تدرك الدولة رغبتنا في تطوير شامل لا حل لمشاكل معينة بمعزل عن المشاكل الأخرى ، ولا تغيير شامل بدون ترسيخ الوعي الديمقراطي وإقرار حقوق الإنسان وتطوير العملية الديمقراطية وفتح حوار شامل مع القوى السياسية الحية . 
(١٠) 

الدولة مطالبة بوقف القبض العشوائي وإلغاء قانون تنظيم التظاهر الحالي لحين انتخاب برلمان يعدله ، والإفراج عن الموقوفين على ذمته والموقوفين من القبض العشوائي وتطوير منظومة السجن لكي تكون منظومة تطوير وتغيير للمسجون ليعود مرة أخرى للمجتمع ، وإعطاء القضاء حق الرقابة على الجهاز الأمني وتغيير قانون المجلس القومي لحقوق الإنسان لكي تؤهله بالقيام بعمله ، لكي نبدأ رحلة بناء ديمقراطية للدولة ، يبقى التطوير في الدولة حاضر وواضح بينما تظل الديمقراطية الفريضة الغائبة . 

No comments:

Post a Comment